Looking For Anything Specific?

header ads

من يفصل بين الجنة والنار ؟

      

في ليبيا يبالغ الناس في اقامة الجنائز على الاموات فيتم ذبح العديد من الذبائح ويجتمع الناس بالمئات أن لم يكن بالالاف في بعض الاحيان وتقوم النساء بشق الجيوب وتجريح الخدود وتمزيق الشعر وغيرها من الافعال التي لم تحدث حتى في الجاهلية ، ولكن تغير الحال الى النقيض تماما مع قتلى ثورة 17 فبراير ، ووصل الامر بالبعض ان احتفل بمقتل ابنه في الجبهة ، لماذا ؟ ببساطة شديدة لأنه يرى ان ابنه شهيدا حيا يرزق عند ربه .
أحد اقاربي انا شخصيا (ابورفاد العليي ) وهو شاب صغير السن اصيب بصاروخ من كتائب القذافي ،ذلك القذافي الذي قذف شعبه بالصواريخ ، ولم يقع الصاروخ على الشاب مباشرة ولكن سقط وراءة فاصيب في رأسه بشظية منه فذهب جزء من مؤخرة رأسه وقبل ان يموت أوصى أن لا يقيم عليه اهله عزاءَ وان لايبكي عليه احد وبشرهم بانه شهيد في الجنة ، وقد عمل اهله بوصيته واعتبروه شهيدا من اولئك الذين هم احياء عند ربهم يرزقون ، وعلى الجانب الاخر فقد أصيب احد الجنود من كتائب القذافي في يديه وكان اخيه قد قتل على يد الثوار وحين ذهبو به الى المشفى للعلاج طلب منهم سرعة العلاج ليعود الى الجبهة ويقاتل الثوار حتى ينال الشهادة كما نالها اخوه الذي اعتبره شهيدا من اولئك الذين هم احياء عند ربهم يرزقون .
فمن ترى فيهم الشهيد الحقيقي ؟ وأين هي الحقيقة ؟
علما بأن الشعب الليبي يعتنق دينا واحدا ومن طائفة واحدة وكله سنى مالكي .
وفي افغانستان حين ارسلت القاعدة شابين لتفجير انفسهما في المجاهد الشيعي احمد شاه مسعود الذي كان يلقب بأسد افغانستان ارادت القاعدة ان ترسل الشابين الى الجنة وشاه مسعود الى النار لأنه شيعي كافر بنظرها وبعد اتمام العملية اعتبرت القاعدة الشابين من الشهداء وفي الجانب الاخر اعتبر الشيعة احمد شاه مسعود شهيدا في الجنة والشابين مخلدون في النار . فمن يا ترى الشهيد صاحب الجنة ، ومن الكافر صاحب النار ؟ وأين هي الحقيقة ؟
وغير بعيد من افغانستان في باكستان المجاورة يجري قتالا عنيفا بين حركة طالبان والجيش الباكستاني ، ويعتبر الجيش الباكستاني قتلى طالبان ارهابيين يجب قتلهم ليعاقبهم الله بعد ذلك اما قتلى الجيش الباكستاني فهم شهداء لأنهم كانو يدافعون عن الوطن ضد الارهابيين ، وفي الجانب الاخر تعتبر حركة طالبان قتلاها شهداء في الجنة وقتلى الجيش الباكستاني مخلدون في النار ، فمن يا ترى الشهيد صاحب الجنة ، ومن الكافر صاحب النار ؟ وأين هي الحقيقة ؟
أما لو انتقلنا الى العراق فسنجد أن حربا طائفية مستعرة دارت بين الشيعة والسنة ومن أمثلة ذلك كان يتحزم السني بالمتفجرات ليقوم بتفجير اولئك الرافضة الكفرة ويزج بهم في النار ولينال هو الشهادة والحور العين في جنة الخلد ، ويعمد الى احد الاسواق المكتظة بالشيعة لسهولة الوصول اليها ويقوم بتفجير نفسه ولا فرق عنده بين رجال الشيعة ونساءهم واطفالهم فكلهم من الرافضة الكفار وبعد اتمام العملية يحتفل اهله في الجانب السني بشهادة ابنهم ودخوله الجنة ويذكرون لك انه الان مع النبي في جنة الخلد ، اما في الجانب الشيعي فيصبون عليه اللعنات معتبرينه كافرا خالدا مخلدا في النار مع ابي لهب وأبي جهل اما قتلاهم فهم شهداء في الجنة من اولئك الذين هم احياء عند ربهم يرزقون . فأين الحقيقة ومن هو صاحب الجنة ، ومن هو صاحب النار ؟
ولا ننسى الحرب العراقية الايرانية التي استمرت ثمان سنين كاملة من 1980 الى 1988 مع الاخذ في الاعتبار ان غالبية افراد الجيش العراقي من الطائفة الشيعية  اما الجيش الايراني فالاغلبية القصوى ايضا شيعة ، ومع ذلك فقد كان هولاء يرون ان قتلاهم شهداء في الجنة وقتلى عدوهم كفارا في النار .فأين هي الحقيقة ؟
اما اذا انتقلنا الى الحرب العربية الاسرائيلية فكل الفصائل الفلسطينية كفتح العلمانية وحماس الاخوانية والجهاد السلفية تتفق على ان قتلى الجانب الفلسطيني شهداء في الجنة وقتلى الجانب الاسرائيلي كفارا في النار ، أما الجانب الاسرائيلي فيرى العكس تماما ، وحين ترسل تلك الحركات الفلسطينية مقاتليها الانتحاريين فهي تطلق عليهم مسمى استشهاديين وبعد تنفيذ العملية يحتفل الفلسطينيون بالاستشهادي الذي قتل من الاسرائيليين ما قتل  ويعتبرونه شهيدا حيا يرزق عند ربه وضحاياه كفارا يستحقون القتل ومن ثم الخلود الابدي في النار وبئس المصير ، أما الاسرائيليون فيعتبرونهم شهداء في الجنة ويعتبرون الفلسلطيني الانتحاري ارهابي معتدي مصيره النار وبئس المصير . ولكن ترى أين الحقيقة ومن هو الشهيد ومن هو الكافر ؟
واذا كانت الحركات الفلسطينية متنوعة بين العلمانية والاخوانية والسلفية ، فأن نفس الكلام ينطبق على حزب الله ممثل الطائفة الشيعية فهو يعتبر كل قتلاه على يد الاسرائيليين شهداء ومنهم هادي ابن حسن نصر الله وكل قتلى الاسرائيليين كفارا في النار ، والجانب الاسرائيلي يرى العكس تماما فأين هي الحقيقة ؟
ولو بقينا في لبنان وعدنا بالذاكرة الى الحرب الاهلية الطاحنة لوجدنا المسيحيين أيضا ينطبق عليهم نفس الكلام فكانو يعتبرون قتلاهم على يد المسلمين شهداء في الجنة وقتلى المسلمين كفار في النار ، والمسلمون يرون العكس أن قتلاهم على يد المسيحيين شهداء في الجنة وقتلى المسيحيين كفار في النار ، ومازال الجانبين يحتفلون كل عام بذكرى شهداءهم حتى الان ، فياترى أين هي الحقيقة ومن هو الشهيد الحقيقي ؟
وما ينطبق على لبنان ينبطق على ماحدث بين المسيحيين والمسلمين في السودان وفي مصر ايضا .
وبما اننا قدمنا أمثلة كثيرة لمختلف الطوائف والاديان فقد كان المثل الليبي بين دين واحد وطائفة واحدة ومذهب واحد وقومية واحدة ، وقد كان المثل الباكستاني بين دين وطائفة واحدة والعراقي الاهلي بين دين واحد وطائفتين  والعراقي الايراني دين واحد وطائفة واحدة والفلسلطيني الاسرائيليي بين ديانتين مختلفتين واللبناني بين ديانتين ايضا .وهو تنوع بين مختلف الطوائف والاديان ، فان الاغرب من ذلك كله الاختلاف حول شخص واحد فقط ، فمثلا محمد بوعزيزي اعتبره البعض أنه شهيدا عند ربه بل ولا يذكرون اسمه الا مصحوبا بكلمة الشهيد محمد بوعزيزي ، واعتبره البعض الاخر منتحرا يستوجب الخلود في النار ، فوضعه البعض في اعلى عليين في الجنة ووضعه البعض الاخرفي اسفل السافلين في النار وهو نفس الشخص ، فما هي الحقيقة ؟
ايضا بن لادن الذي دخل عليه الامريكان في غرفته في باكستان اعتبره البعض مجاهدا ومات شهيدا وهو في اعلى عليين في الجنة وقد تغاضو عن كل ضحاياه في السعودية والمغرب والاردن والعراق وكان اغلبهم من المسلمين ، واعتبره البعض الاخر ارهابي قتل من المسلمين ما قتل وجلب الويلات والدمار للمسلمين وجزاءه النار خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما . ولكن من يملك الحقيقة ؟
والامثلة كثيرة جدا وقد قفزنا على الكثير من الامثلة حتى لا نطيل على القارئ ،ولقد اثيرت هذه القضية منذ بضع سنين لا اذكر متى تحديدا ، حين قامت هيئة الاذاعة البريطانية بمنع وصف قتلى الجانب الفلسطيني على يد الاسرائيليين بالشهداء ، مع استبدال كلمة قتل بدلا من استشهد ، فثار العرب  وشنو هجوما اعلاميا فاشلا على ال (bbc ) ولكن البي بي سي  اصرت على موقفها حتى اليوم . وأنا شخصيا اؤيد ما فعلته البي بي سي فنحن في ليبيا مثلا لا نقول فلان نائم ولكن نستبدلها بكلمة راقد لأن الرقود مضمون ويشمل الاستلقاء والنوم ايضا ، اما كلمة نائم فهي غير مضمونة وغير دقيقة فقد يكون مستلقي ولكنه ليس نائما ، وكذلك لو قلنا فلان قُتل فهذا امر صحيح ومضمون ، أما لو قلنا استشهد فهذا مالا يمكن ان نضمنه ابدا ، وكأننا نتأله على الله تعالى ،

ابورفاد العليي

Post a Comment

0 Comments