لم ارى في حياتي حملة دعاية انتخابية مثل تلك التي قام بها حزب النور السلفي في الانتخابات المصرية الجارية حاليا ، فمن المعتاد في كل الحملات الدعائية الانتخابية في كل ارجاء العالم حتى في تلك الانتخابات المعروفة نتائجها مسبقا ان تقوم الدعاية الانتخابية على اصلاح الاقتصاد والحد من البطالة وزيادة المعاشات والبناء والتنمية والتجارة وغيرها ، ولا يشذ عن هذه القاعدة سوى بعض الاحزاب اليمينية المتطرفة التي تقوم بتخويف المواطنين من المهاجرين لتكسب المزيد من الاصوات ولكن حتى تلك الاحزاب لا تنسى ان تضيف جانبا من عملية التنمية المجتمعية والاقتصادية وغيرها .
لكن ما قام به حزب النور السلفي كان مختلفا تماما عن كل الحملات الانتخابية حتى المتطرفة منها . فحزب النور السلفي لم يرهب المواطنين من المهاجرين كما تفعل الاحزاب اليمينة في الغرب مثلا ولم يرهب المواطنين من الفقر والبطالة وغيرها بل ذهب الى الاخرة مباشرة واستقر بين جهنم والجنة فجاء بخلاصة الرعب ونهاية الترهيب فشن حملة من ترهيب المواطن المسكين من دخول النار والخلود فيها أن لم يعطي صوته لحزب النور السلفي وكان هذا هو ( المانشيت ) الرئيسي للحملة المرعبة لحزب النور السلفي التي شملت ايضا تكفير من لم يعطي صوته لحزب النور وتخيير المواطن بين الكفر والايمان وتخيير المواطن بين الاسلام والصليبية وتخيير المواطن بين الاسلام والليبرالية والعلمانية الكافرة الملحدة ولم ينجو احد من منافسي حزب النور من هذه الهجمة حتى الاخوان المسلمين بحزبهم ( الحرية والعدالة ) والطريف في هذا الامر أن حزب النور السلفي اتهم حسن حمدي احد ابرز اعضاء الاخوان بأنه صليبي وتابع للكنيسة وقد نجحو في اسقاطه في الاسكندرية في مفاجأة انتخابية من العيار الثقيل ، فالاخوان الذين كانو يتهمون الاخرين بمعاداة الاسلام وجدو انفسهم يتجرعون من نفس الكأس وان كانت بطريقة اكثر عنفا ، كذلك عبد العليم داوود مرشح حزب الوفد في كفر الشيخ واحد ابرز المشاكسين للحزب الوطني في مجلس الشعب السابق وجد نفسه امام هجمة سلفية شرسة اخرجته من الوطنية باتهامه انه من الفلول ، وأخرجته من دينه ، باتهامه بانه علماني كافر ، ثم اخرجته من الحياة برمتها ببث اشاعات عن موته ، لكنها لم تنجح في اخراجه من مجلس الشعب فاكتسح منافسه السلفي ، ايضا تحدثنا سابقا عن البدري فرغلي وما جرى له في بورسعيد ، ولا ننسى مصطفى النجار وما جرى له في مصر الجديدة ومع ذلك استطاع هولاء الانتصار على منافسيهم من حزب النور بفضل فطنة الشعب المصري في تلك الدوائر .
الاهم من ذلك كله والاكثر تاثيرا هو استخدام المساجد وخصوصا خطب الجمعة في تخيير المواطن المصري بين الجنة والنار ، والجنة هنا هي حزب النور السلفي ، والنار هي جميع منافسيهم جملة وتفصيلا ولاتستثني الاخوان المسلمين ، والغريب انك لو ضل منك طفلك واردت الاعلان عنه في المسجد فسيقف لك الجميع ويقولون ان ذلك محرم قطعا لكنهم لا يبالون بالدعاية الانتخابية داخل المساجد وبكافة الطرق .
كما انهم يضربون بأية ( وان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا ) عرض الحائط ولا يبالون بها في سبيل الوصول الى هدفهم الانتخابي ،
أن ما قام به حزب النور السلفي لهو ابعد ما يكون عن الاسلام بل وعن كل الاخلاق المتعارف عليه من الانسانية جمعاء ولقد ترك التنظيم السلفي وصايا الاسلام جانبا واتجه الى تطبيق (المكيافيلية) بابشع طرقها وهي طريقة لم يطبقها اكثر (المكيافيليين) تطرفا ، بل هي حصرية وخاصة بحزب النور السلفي الذي لم يستطع بعد كل تلك الحملات الشرسة والرهيبة والغريبة والغير شريفة بالمرة والغير اخلاقية ولا اسلامية ولا انسانية ، لم يستطع سوى الحصول على ما يقارب ال 20 % فقط التي لا تؤهله لفعل شئ في مجلس الشعب سوى بالتحالف مع الكفرة الاخرين الذين لن يتحالفو مع السلفيين بعدما رأو منهم تلك الافعال غير الاخلاقية وبعدما كسب السلفيون عداوتهم ، والطريف أننا نرى السلفيين في وسائل الاعلام المختلفة يتكلمون بعنجهية غريبة ويتحدثون وكأن حكم مصر اصبح بين ايديهم وكانهم هم القادة الجدد ويتناسون بانهم لا يمثلون سوى خمس عدد اعضاء وجلس الشعب وسيظلون مجرد اقلية في ذلك المجلس ولا ادري لماذا يتجاهلون هذا الامر .
اعتقد ان حزب النور السلفي لم يكسب سوى (خمس الاصوات ) ولكن السلفيين خسرو كثيرا في هذه الانتخابات .
ابورفاد العليي
0 Comments